على وقع غارات متواصلة.. الحرب تفقد بعلبك اللبنانية روادها وسكانها
على وقع غارات متواصلة.. الحرب تفقد بعلبك اللبنانية روادها وسكانها
تتجلى معاناة مدينة بعلبك، التي تقع في شرق لبنان، حيث غادرها زوارها وسكانها في ظل التصعيد العسكري المتواصل، والذي أدى إلى تفريغ المدينة من حيويتها.
فندق بالميرا، الذي يتميز بتاريخه العريق، أصبح خاليًا من الزوار بعد أن شهد دوي الغارات الإسرائيلية، لكن ربيع سليقة، الموظف الذي يعمل فيه منذ 24 عامًا، يرفض مغادرته، وفق وكالة "فرانس برس".
بينما يمسح ربيع الغبار عن الأثاث والمرايا في الفندق المطل على قلعة بعلبك الأثرية، يعبر عن حزنه الشديد بسبب إغلاق الفندق الذي لم يغلق أبوابه منذ 150 عامًا.
ويتذكر كيف كانت المدينة تستقطب السياح والمشاهير، بينما الآن لم يعد هناك أي زوار، حتى فنجان قهوة واحد لم يعد يُقدّم. يشعر ربيع بـ"غصة كبيرة في القلب" بسبب ما آلت إليه الأمور، لكنه يتمسك بالمكان الذي تربى فيه.
تدهور الحياة في المدينة
تعاني بعلبك، المعروفة بـ"مدينة الشمس" والتي تُعتبر السياحة مصدر دخلها الأساسي، من تداعيات الحرب التي ألقت بظلالها على جميع مناحي الحياة.
أغلب المتاجر تُغلق أبوابها باكرًا، ويعمد المتبقي من السكان، والذين يشكلون نحو 40% من العدد الإجمالي البالغ 250 ألف نسمة، إلى التسوق بسرعة خلال النهار، تجنبًا للخروج في فترة بعد الظهر.
تتأثر المدينة بشكل مباشر بالقصف الإسرائيلي، حيث استهدفت الغارات أماكن تجارية وسكنية، مما أدى إلى تدهور الحالة الاقتصادية والاجتماعية.
رئيس البلدية مصطفى الشل، يشير إلى أن السوق التجاري شبه مقفل، ويفتح أبوابه ساعة واحدة فقط في اليوم. وقد تضرر أحد المستشفيات بشكل كامل بسبب الغارات، بينما لا تزال 5 مستشفيات أخرى تعمل.
السياحة تحت التهديد
قبل بدء الحرب، استقطبت بعلبك نحو 60 ألف سائح أجنبي و100 ألف سائح من لبنان في العام الماضي، لكن هذا العام لم تتجاوز نسبة السياحة 5% مقارنة مع 2023.
يتأثر التراث الثقافي أيضًا، حيث حذّر محافظ بعلبك من الآثار السلبية للغارات على القلعة الأثرية المدرجة على قائمة التراث العالمي.
يتذكر حسين الجمّال (37 عامًا)، كيف كانت بعلبك تعج بالحياة قبل الحرب، ويشدد على أنه يبقى في المدينة لمساعدة سكانها الباقين.
أما رشا الرفاعي (45 عامًا)، فتروي كيف تغيّرت حياتها تمامًا، حيث انقطع تواصلها مع العديد من النساء بسبب النزوح.
تتحدث عن معاناتهم وتجاربهم خلال الحروب السابقة، مؤكدة أنهم سيبقون هنا ما دامت الظروف مقبولة.
استمرار المعاناة والأمل
تظهر هذه الشهادات حجم المعاناة التي يعيشها سكان بعلبك في ظل الظروف الحالية، وتؤكد ضرورة دعمهم ومساعدتهم للنجاة في هذه الأوقات الصعبة.
تسلط الضوء أيضًا على أهمية حماية التراث الثقافي والإنساني في وجه الحروب والدمار، مع استمرار الحاجة إلى الحلول السلمية لاستعادة الحياة إلى طبيعتها.